القاهرة: داليا عاصم وكريستين أشرف
حالة من الجدل والسخرية يعيشها المصريون حاليا مع الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، والسبب في ذلك قناع «فانديتا» الشهير الذي ارتبط بالفيلم الأميركي «V for Vendetta».
فبعد مرور أكثر من سبعة أعوام على إنتاج الفيلم، لم يكن مخرج الفيلم جيمس مكتيغو يعلم أنه سيكون سببا في سجالات ثورية بعد الدعوة لارتداء أقنعة «فانديتا» في ميدان التحرير يوم 25 يناير المقبل للاحتفال بالثورة، تيمنا ببطل الفيلم الذي ثار ضد نظام بلده الظالم والمستبد على شعبه، مستندا إلى القناع في إخفاء هوية الشخص الثائر، وبعيدا عن إظهار هوية الشخص من حيث ديانته، وانتمائه السياسي.
وشهدت الأيام الماضية دعوات إلى شراء ذلك القناع لاتباع منهج فانديتا الثائر، والتي انتشرت عبر موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، حيث تم إنشاء عدة صفحات للإعلان عن منافذ بيع الأقنعة، إلى جانب أن القناع أصبح يطل عبر الصفحات الشخصية للكثير من النشطاء على الموقع بديلا لصورهم الخاصة.
ويعبر هذا القناع عن شخصية «غاي فوكس» الشهيرة في التاريخ الإنجليزي، حيث سعى في عام 1606 لتفجير مبنى البرلمان الإنجليزي بالتعاون مع مجموعة من الثوار، لكن السلطات اكتشفت مخططه قبلها بساعات وقبضت عليه وتم تعذيبه وإعدامه، وقد ألهمت شخصية فوكس المخرجين لتأليف سلسلة كوميكس تحمل اسم «V for Vendetta»، التي انتقدت الأساليب القمعية لحكومة مارغريت ثاتشر في الثمانينات من القرن العشرين.
وتعني كلمة فانديتا باللاتينية «الانتقام»، وقد أصبح القناع حاضرا في عدة مظاهرات حول العالم ومنها حركة «احتلوا وول ستريت»، وظهور جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» في لندن مرتديا القناع تعبيرا عن حق الثوار في إخفاء هويتهم.
أما في مصر، فقد أثارت الدعوة لارتداء القناع حالة من الجدل والسخرية بين المصريين، حيث حذر بعض الإعلاميين من ارتدائه خوفا من اندساس «بلطجية» مخربين وسط الثوار في ذكرى الثورة وبالتالي تنفيذ مخطط فوضوي لإحراق الهيئات والمؤسسات وسرقة البنوك والمنشآت، بينما شهد الـ«فيس بوك» حملات في نفس الإطار تحمل شعار «لا للتخريب، لا للأقنعة».
وعلى النقيض، قامت صفحة «خد بالك» بالدعوة إلى ارتداء أقنعة تحمل صور شهداء الثورة المعروفين أمثال الشيخ عماد عفت وعلاء عبد الهادي، إلى جانب أيقونة الثورة الشاب خالد سعيد، وذلك لإحياء ذكراهم وإثبات أن الجميع ما زالوا يطالبون بحقوقهم. ويعلق إسلام الحضري، منسق الحركة، أن دعوتهم شهدت ترحيبا شديدا في القاهرة والإسكندرية، وأنه سيتم توزيع تلك الأقنعة داخل الميادين يوم 25 يناير مجانا، والتي يبلغ عددها 8000 قناع.
أما حالة السخرية، فوجدت طريقها بعد «المانشيت» الرئيسي لصحيفة حزب «الحرية والعدالة» الجناح السياسي لجماعة لإخوان المسلمين في مصر، الذي استبدل بكلمة «فانديتا» كلمة «بانديتا»، حيث حذرت الصحيفة في عددها الصادر بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للانتفاضة من أن القناع يقود إلى الفوضى.
وما إن صدر العدد «الورقي» في الأسواق حتى انهالت التعليقات «الإلكترونية» الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) و(تويتر)، والتي واصل بها المصريون روح الدعابة المستمرة منذ انطلاق الثورة في العام الماضي.
فظهرت مجموعات تحمل اسم «بي فور بانديتا» بديلا لاسم الفيلم الأميركي «في فور فانديتا»، إلى جانب مجموعات أخرى بعناوين ساخرة مثل «أنقذوا بانديتا من الإخوان» و«أنا آسف يا فانديتا» على غرار حملة «أنا آسف يا ريس»، «أنت عيل فانديتا»، «حملة دعم فانديتا رئيسا للجمهورية» تحت شعار «فانديتا مش بتاع فوضى فانديتا بتاع ثورة».
بينما جاءت التعليقات على شكل: «أنا كنت عميل وماسوني.. دلوقتي بقيت بانديتا»، «بانديتا طلع مصري واسمه زكي قدرة» وهو اسم لدور أداه الفنان المصري عادل أدهم في أحد أفلامه.
ومع استطلاع «الشرق الأوسط» لآراء بعض الشباب حول ارتداء القناع يوم 25 يناير المقبل، اختلفت التوجهات؛ فتقول هدير طه، (21 سنة)، إنها فكرة أكثر من رائعة، حيث تشير إلى «اتفاق جميع الثوار على نقطة واحدة». وأضافت: «سوف أشتريه لأنه يوحد مطالب الثوار في ميدان التحرير، كما يوحد الجميع من دون التفكير في هوية الشخص كونه مسلما أو مسيحيا، أبيض أو أسود». بينما قال أحمد عباس، (27 سنة)، إنه يعمل براتب شهري يكفيه بالكاد، وبالتالي لا يستطيع أن يشتري القناع الذي يتراوح ثمنه بين 75 و100 جنيه (16 دولارا)، مبينا أن ذلك مبلغ كبير، لذا لن يقوم بشرائه.
وتوضح ندى عادل، (22 سنة)، أن فكرة ارتداء ذلك القناع شائقة، ولكنها لن ترتديه، حيث أعربت عن تخوفها من حدوث اشتباكات في ذكرى الثورة قد يصحبها أعمال تخريب، ووقتها يتم لصق تهم البلطجة للأشخاص الذين يرتدون القناع.